آلة طحن القمح استعادة لموروث وذاكرة خصبة
2012/03/28 | 14:58:48
عمان 28 اذار ( بترا ) -من وفاء مطالقة - رائحة نقية وصوت هدير دولاب مطحنة قمح قديمة مصحوبة باجواء المكان المفعمة بحبيبات الطحين المتناثرة على ملابس ام محمد صاحبة المطحنة , يذكّرنا بذلك الموروث في طقوس الحياة اليومية .
ام محمد التي تقطن في مخيم البقعة تعمل منذ الصباح الباكر وحتى غروب الشمس في المطحنة لتوفير قوت عائلتها من خلال شراء القمح ومن ثم بيعه بعد طحنه اضافة الى بيع هريس القمح المتنوع كالجريشة والبرغل .
الحاجة فاطمة احدى الزبائن الدائمين للمطحنة تقول لوكالة الانباء الاردنية ( بترا ) انها لم تتعود على شراء الطحين من الاسواق طيلة حياتها, اذ انه لا يوجد ما هو افضل من الطحين الاسمر مشيرة الى " ان جودة هذا الطحين تكمن في انه يتم انتاجه من قمحنا الذي زرعناه في ارضنا ومرَّ بمراحل متعددة قبل وصوله الى مرحلة الطحن" .
الحاجة فاطمة التي تعمل على تخزين القمح في منزلها بعد حصده تقوم بتنظيفه وغربلته ومن ثم ارساله الى مطحنة ام محمد ( البابور ) في منطقة البقعة .
لا تستقبل ام محمد كميات تجارية من القمح وكل عملها في المطحنة حسبما تشير يقتصر على كميات لمواطنين يرغبون بطحين بلدي من ارضهم ويطحن امام اعينهم .
العديد من المواطنين يلجأون الى طحن ما جادت به اراضيهم من القمح للحصول على الطحين الاسمر لاعادة بيعه او للاستخدام الشخصي , فأبو معن الذي قدم من الزرقاء الى البقعة لبيع خمسين كيلوغراما من القمح لام محمد يقول لبترا انه من النادر جدا ان تجد الان نساء مثل نساء الامس ممن يعملن على عجن الطحين وخبز قوت يوم اسرهن.
ويشير الى انه يعمل وبعض اقاربه على بيع القمح الذين يقومون بزرعه في اراضيهم , مبينا ان زراعة القمح بالنسبة له لم تعد ذات جدوى وانه يرغب بزراعة اصناف اخرى غيرها .
تشتري ام محمد كيلو القمح بثمان وثلاثين قرشا وفقا لقولها وانه ورغم تأكدها من نظافته الا انها تقوم بتنظيفه وغربلته مرة اخرى الى ان تأتي مرحلة الطحن , حيث تقوم إما بطحنه ليصبح (دقيق) او بجرشه ليكون ( جريشة ).
تملك ام محمد - التي لها من البنات 8 ومن الاولاد اربعة - اضافة الى مطحنة القمح , طاحونتين قديمتين تعملان على الكهرباء الى جانب جاروشة وغربال كهربائي تستخدمه اذا توفرت كمية كبيرة من القمح لتنظيفه .
بعد ان تقوم ام محمد بوزن القمح على القبان توزعه على عبوات لتسهيل عملية تفريغه في فوهة الطاحونة حيث تكون قد وضعت كيسا من الخيش او النايلون في الفوهة لتفريغ الطحين منها .
ام معن السيدة الخمسينية التي قدمت من منطقة المصطبة حاملة القمح في اكياس من القماش, تقول انها اعتادت على ذلك منذ اكثر من ثلاثين عاما , حيث تقوم بطحن القمح للحصول على الطحين الاسمر او الجريشة وبحسب حاجتها , وهي ترى ان هذه المطحنة تعيد اليها قبسا من الحنين الى الماضي القريب عندما كانت والدتها وجدتها تصطحبانها الى مطحنة بلدتها الاصلية .
-- ( بترا )
وم / ات
28/3/2012 - 12:52 م