الملك: الربيع العربي دعوة للكرامة والعدل والحرية ولا رجعة عن المطامح الشرعية للشعوب ..اضافة اولى
سؤال: ما هي المخاطر التي تراها مقبلة على المنطقة نتيجة للربيع العربي وما هي القضايا الحرجة فيما يخص السياسات الأوروبية والأمريكية في هذا السياق؟
جلالة الملك: اتوقع أن تمر فترة يسود فيها اللا يقين وعدم الاستقرار، وهي نتيجة طبيعية للتغيرات التاريخية التي شهدناها، وسوف يستمر هذا الوضع حتى تترسخ أنظمة سياسية ومؤسسات جديدة.
وعلى المدى القصير قد تمر بعض الدول بالشتاء العربي قبل أن يزهر ربيعها لتصل إلى الصيف العربي. والتاريخ زاخر بالانتكاسات المؤقتة وذلك حتى في أقوى وأعظم الدول الديمقراطية القائمة حاليا. لكن المهم هو أننا تجاوزنا نقطة الانعطاف، فلا رجعة عن المطامح الشرعية للشعوب وحقها في أن يكون لها رأي أكبر في كيفية حكم وتنظيم مجتمعاتها.
أما على المدى الطويل فإنني واثق أننا سننظر خلفنا جميعا ذات يوم ونتفق على أن الربيع العربي كان أمرا جيدا وأنه قد جعل الحياة أفضل بالنسبة للعديد من العرب. وكلي ثقة أننا سوف نشهد في نهاية المطاف ظهور مجتمعات مدنية فاعلة ومنخرطة في الشأن العام، والمزيد من التعددية والديمقراطية والعدل والمساواة في العالم العربي.
ويتحمل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مسؤولية أخلاقية لمساعدة ودعم الديمقراطيات العربية الوليدة. والمطلوب من أوروبا والولايات المتحدة في هذه المرحلة أن تحكم على الحكومات الجديدة الناشئة بنفس المعايير التي يستخدمها الناخبون للحكم على هذه الحكومات، وهي قدرتها على تحقيق الاستقرار والأمن والاصلاحات الديمقراطية والحقوق المدنية وإيجاد الوظائف وتحقيق النمو الاقتصادي. والإشارات مشجعة لغاية الآن، حيث نرى أن القوى السياسية والحكومات الناشئة من الربيع العربي تسعى لعلاقة سوية وحوار مفتوح مع الغرب، والعكس صحيح. ومن الخطوات الإيجابية المتخذة في هذا السياق قوة العمل لجنوب المتوسط التي شكلتها مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون العام الماضي وصندوق حوافز الشرق الأوسط الأمريكي الذي اقترحه الرئيس باراك أوباما اخيرا.
سؤال: ما هو موقفك من الافتراض القائل إن الديمقراطية في معظم الدول المجاورة لكم ستحمل معها نهاية العلمانية لا محالة؟ هل سيكون هناك المزيد من القيود على الحريات الفردية قبل أن تتحسن؟
جلالة الملك: الربيع العربي دعوة للكرامة والعدل والحرية. وهو دعوة إلى التغيير الذي يستهدف كل القوى في الأنظمة القديمة، سواء كانت الحكومات أم المعارضة. أما الجماعات التي برزت في أعقاب الجولة الأولى من الانتخابات التي تلت الانتفاضات الشعبية فقد فازت لأنها قدمت برامج قائمة على الاعتدال والتعددية واحترام الحريات. وهذه هي القيم التي يريد الناس الحفاظ عليها وترجمتها إلى سياسات على أيدي من تولوا السلطة بغض النظر عن لونهم السياسي. ولو تشكلت أنظمة خاضعة فعليا للمساءلة، فإن الفشل في حماية الحريات يعني أن هذه الأحزاب السياسية لن يعاد انتخابها في المرة المقبلة . وتذكر أن هناك دائما "انتخابات قادمة" يحكم فيها على المرشحين على أساس التزامهم بالحريات الفردية والقيم الديمقراطية.
سؤال: التقيتم جلالتكم اخيرا زعيم حماس خالد مشعل، وكانت الغاية من اللقاء رسميا "فتح صفحة جديدة في العلاقة بين الأردن وحماس". لماذا تعيد عمان فتح العلاقات مع حماس في هذه المرحلة؟ هل نشهد تغيرا في سياسة الأردن نحو الجماعات الإسلامية في ضوء الربيع العربي؟
جلالة الملك: لقد كان الأردن دوما في مقدمة الساعين إلى حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وهذا يشتمل من ناحيتنا على الحديث مع كل الفصائل الفلسطينية. وحماس جزء من النسيج السياسي الفلسطيني. وقد كان لدينا مع حماس تحديدا اتصالات منذ زمن طويل على الأرض من خلال المستشفى الميداني الأردني في غزة. لن تعيد حماس فتح مكاتبها في الأردن وليس هناك تغيير في هذا السياسة.
أما بالنسبة للاجتماع بيني وبين خالد مشعل وولي عهد قطر في أواخر كانون الثاني فقد جاء في إطار دعم الأردن لجهود السلام والمصالحة الفلسطينية وجهود السلطة الوطنية الفلسطينية لتحقيق طموحات الشعب الفلسطيني. وقد أكدت على موقف الأردن من أن المفاوضات، بدعم من المجتمع الدولي، هي الوسيلة الوحيدة لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني. ولذا فلا تغيير في هذه الاستراتيجية أيضا.
سؤال: كيف أثرت الانتفاضات العربية على التوازنات الجيوسياسية في المنطقة وما تأثير التغيرات في المواقف التركية على التوازنات الجديدة؟
جلالة الملك: لقد كانت تركيا دائما أحد اللاعبين الأساسيين، وقد بدأت تكثف من ظهورها الإقليمي قبل الربيع العربي بفترة طويلة، والفضل في ذلك لمواقفها الإيجابية وسياساتها التي تصدر في الوقت المناسب. ولكن من المبكر توقع التوازنات الجيوسياسية الجديدة لأن التغيرات الإقليمية لا تزال متوالية من حولنا.
ومن الواضح أن الانتفاضات العربية قد زادت من عزلة إسرائيل، وهذا ما اثبتته فورا حادثة اقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة العام الماضي.
ومن العوامل الجيوسياسية الأخرى هو أن مصر منشغلة بوضعها الداخلي وما تشهده من مرحلة انتقالية. وهذا يعني أن على دول أخرى، ومنها الأردن، أن تزيد من حجم مساهمتها خصوصا في دفع عملية السلام قدما والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ،وهدفهم المشروع لتأسيس الدولة الفلسطينية التي تعيش بجوار إسرائيل آمنة.وقد كانت مصر كدولة قوية داعما كبيرا للدبلوماسية العربية والتنسيق العربي-العربي ونحن واثقون أنها مسألة وقت قبل أن تعود مصر للعب دورها التقليدي إقليميا ودوليا.
أما سوريا فهي علامة الاستفهام الكبرى في هذه اللحظة، ومن المستحيل التنبؤ بكيفية تطور الوضع السوري أو إجراء تقييم واف وشامل لنتائج هذه التطورات على إيران وحزب الله وحماس والعراق وكل اللاعبين الآخرين ودول الشرق الأوسط. والشيء الوحيد المؤكد هو أن الأزمة في سوريا تزيد من أعباء ومسؤوليات جيرانها، وتحديدا تركيا والأردن، بما في ذلك الأزمة الإنسانية المتوقعة بكل جوانبها.
يتبع ....يتبع .
--(بترا)
ع ع /اص/خ
3/3/2012 - 10:54 ص