احداث معركة الكرامة كما يرويها ابطالها
2012/03/20 | 17:54:47
عمان 20 اذار ( بترا)- من زياد الشخانبة – يرتبط يوم الحادي والعشرين من شهر آذار بذكرى مشرفة مكللة بالمجد والكرامة والشموخ ، ذكرى معركة الكرامة الخالدة التي سطر فيها جيشنا العربي المصطفوي قبل اربعة واربعين عاما اروع البطولات والانتصارات على القوات الاسرائيلية المعتدية .
وكان للايمان الصادق لابطالنا البواسل الذين شاركوا في المعركة وعقيدتهم الراسخة وثباتهم الاثر الاكبر في تحقيق النصر على القوات المعتدية وتحطيم اسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر .
وكالة الانباء الاردنية ( بترا ) التقت عددا من ابطال الجيش العربي المصطفوي الذين كان لهم شرف المشاركة في هذه المعركة الخالدة حيث قال اللواء المتقاعد حاكم طافور الخرشه مساعد قائد سرية دبابات في الكتيبة الثالثة آنذاك : كان الجيش العربي الاردني اول جيش عربي يلحق الهزيمة بالجيش الاسرائيلي ، ويستولي على دباباته والياته التي عرضها في ساحة امانة عمان عقب انتهاء المعركة ، وقد بكت العيون فرحا عندما رأتها ولهذا النصر الذي رد الاعتبار بعد خسارة العرب في حرب العام 1967.
يفصّل اللواء الخرشه احداث المعركة في المحور الشمالي منها وهو - جسر داميا مثلث المصري مثلث العارضة - قائلا : وردت انباء قبل المعركة بايام عن وجود حشود عسكرية اسرائيلية غربي النهر واحتمال قيام اسرائيل بهجوم عسكري , فقامت قواتنا الباسلة بالتحضير للمعركة وتجهيز المواقع الدفاعية وتهيئة الجنود معنويا وتغيير المواقع العسكرية في المنطقة ووضع الخطط اللازمة .
ويضيف انه وبالفعل وفي الساعة الخامسة والنصف فجرا اندفعت القوات الاسرائيلية باتجاه النهر حيث عبرت جسر داميا ، العدد والعدة كانت اضعاف عدتنا وعتادنا , وكانت الخطة ان تبقى القوات المعتدية مندفعة بالتقدم نحو الشرق لتصل بالقرب بما يعرف بمثلث المصري , وحين وصولها واجهتها فصائل دباباتنا بالرماية الكثيفة من اليمين والشمال والحقت بها خسائر جسيمة لم يكن يتوقعها العدو ما اضطر قواته الى التراجع ثلاثة كيلو مترات للتجمع واعادة التنظيم .
ويقول : ثم عادت للهجوم بالامتداد العرضي لمسافة اربعة كيلو مترات من المنطقة الغربية لمثلث المصري جنوبا وحتى مثلث العارضة شمالا , لكنها ورغم ذلك الامتداد كانت تحت الرماية لقواتنا الباسلة حتى أجبرت على التراجع مرة اخرى فانسحبت للخلف لاخلاء القتلى والجرحى والاليات المدمرة واعادة تنظيم الصفوف .
ويضيف ان هذه القوات عندما تراجعت طلبت تعزيزات من المنطقة الجنوبية لضرب قواتنا في منطقة مثلث المصري نظرا لصمودها القوي , ثم عادت للهجوم ودارت معركة انتهت بهزيمة القوات الاسرائيلية وانسحابها باتجاه الغرب ولم تتحقق اهدافها في هذا المحور والرامية الى احتلال مرتفعات السلط لاهميتها العسكرية بالاضافة الى تحطيم الروح المعنوية في نفوس قواتنا المسلحة , لكن وبفضل الله سبحانه وتعالى لم تتحقق اهدافها .
ويسرد لنا اللواء المتقاعد الخرشه انه واثناء المعركة حيث حاجتنا للذخيرة الموجودة في منطقة تبعد ثلاثة كيلو مترات عن السرية , ورغم شدة القصف الارضي والجوي من قبل العدو , وحيث انه لا مجال للمسير الا على الطريق العام المكشوف أبى الا ان يذهب بسيارة , فنقل الذخيرة وتم تزويد الاليات والمدافع بها , هكذا كانت الروح الدفاعية العالية التي امتاز بها افراد وضباط قواتنا المسلحة والتي نعتز ونرفع رؤوسنا عاليا بها .
اللواء المتقاعد محمد رسول العمايرة قائد فصيل في كتيبة الدبابات الثالثة الملكية في منطقة المغطس آنذاك تحدث قائلا : ان قسما من قوات العدو بدأ في صباح الحادي والعشرين من اذار 1968 بعبور جسر الملك حسين باتجاه الكرامة, وآخر منها اتجه للشونة الجنوبية وثالثا باتجاه الكفرين , حيث تقدمت قوات العدو الى ان اصبحت خلف فصيل دباباته , حينها تراجعت وقواتي الى منطقة الجوف وكان التحرك صعبا لكثرة البساتين وتم الاستقرار في منطقة اصبح العدو فيها مكشوفا لنا , فتقدمنا باتجاهه واشتبكنا في معركة ضارية , وفي وقتها وصلت سرية الدبابات الخامسة الملكية الاحتياط التي كانت في منطقة طبربور وتحركت بسرعة كبيرة رغم القصف الجوي , إلا انها وبحمد الله سبحانه وتعالى وصلت وتوزعت على جبهات المعركة .
ويتابع : بعدها التحقت سريتي بالقسم الذي وصل الجوف والكفرين ثم العودة الى منطقة المغطس لاعادة التنظيم وكانت الساعة حينها الحادية عشرة قبل الظهر , ثم تقدمت القوات وبدات سريتي بالرماية الكثيفة الى ان اجبر العدو على التراجع واخلاء القتلى والجرحى والاليات المدمرة , والاتجاه غربا تحت رماية وضربات قواتنا الباسلة .
ويضيف اللواء المتقاعد العمايرة ان طيراننا لم يشارك في المعركة في ظل السيطرة الجوية لطيران العدو , لكن كان يصعب عليهم في الكثير من الاحيان استخدام الطيران في حالة الاشتباك وايضا لكثرة الاشجار , بالاضافة الى ان طبيعة التربة شرق النهر كانت تخفف اضرار القصف الجوي بعكس طبيعة الارض الصخرية التي ينتج عن قصفها شظايا خطيرة .
وكانت قوات العدو وفقا لقوله اكثر عددا وتسليحا وامكانيات الا انه وبحمد الله وفضله سبحانه ثم عزيمة الجيش العربي الاردني المصطفوي الباسل انهزم جيش العدو وانكسر وتراجع , إذ كان يعتبر هجومه نزهة ذاهب اليها .
يقول العمايرة ان قائد المنطقة العسكرية الوسطى الاسرائيلي انذاك دعا بعض اصدقائه قبل المعركة باسبوع الى تناول طعام الغداء في عمان , لكن وبحمد الله تحقق النصر وتحطمت معنوياتهم بعزيمة قواتنا وابطالنا .
العميد المتقاعد أمين بنية المحيسن الذي عمل ضابط استخبارات كتيبة الدبابات الثالثة الملكية آنذاك تحدث قائلا : تطلب عملي متابعة كل ما تقوم به الكتيبة وما يحصل معها في كل المواقع من العارضة شمالا وحتى البحر الميت جنوبا وكان يقودها آنذاك المقدم علاوي نجادات .
ويضيف ان الاستخبارات كانت تتابع وعن كثب ومنذ مطلع اذار تحركات العدو وحشود قواته العسكرية في الليل والنهار , وحتى العشرين منه , وعلى امتداد تلك الفترة قامت قواتنا بالكثير من التجهيزات والاستعدادت الحربية حتى ليلة المعركة بعدما تم تحديد ساعة الصفر وهو صباح اليوم التالي .
ويقول : كان الجميع افرادا وضباطا يقسمون على الشهادة , وكم كان بداخلهم تأثر نفسي - جراء نكسة 1967- وكانت الروح المعنوية عالية جدا لدى الجميع في قواتنا المسلحة اذ كان التفكير الوحيد هو النصر وليس غير ذلك ابدا .
ويشير الى حماس جنودنا الابطال اثناء المعركة , إذ كانوا يقبلون على القتال كما يقبلون على الحياة , ويذكر انه وقائد الكتيبة مروا ليلة المعركة على قائد فصيل المشاة الموجود على النهر واخبراه ان المعركة ستكون صباحا , فاقسم وجنوده ان العدو لن يمر من هنا الا على اجسادهم وفعلا صباح المعركة استشهدوا جميعا .
ويقول المحيسن : في الصباح قطعت قوات العدو جسر الملك حسين باعداد كبيرة ونيران كثيفة على قواتنا الامامية ( قوات الحجاب ) ووصلت الى اطراف الشونة الجنوبية , وتم اطلاق النيران الكثيفة عليهم من قبل قواتنا الباسلة وتدمير عدد كبير من آلياتهم , فاضطروا الى التراجع لاعادة تنظيم قواتهم ثم اعادوا الهجوم ولم يستمروا في القتال وتراجعوا , وللمرة الثالثة تراجعوا ايضا واوقعنا بهم الخسائر الكبيرة .
ويضيف أن قوات العدو وفي الساعة العاشرة والنصف صباحا اصابها اليأس واستقرت في مكان تراجعها , بعدما تم تدمير فصيل دبابات بأكمله كان يقوده أهارون بيلد والمكون من 46 دبابة ولم ينج منها الا دبابتين .
ويضيف انه وفي الساعة الحادية عشرة والنصف صباحا طلب العدو وقف اطلاق النار الا ان المغفور له جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه والذي كان موجودا حينها في قيادة الفرقة الاولى , اتصل بالقادة في ارض المعركة الذين اكدوا انهم منتصرون بعون الله ,فكانت ابتسامة الحسين رحمه الله عندما سمع ذلك مليئة بالفخر والاعتزاز بالقوات الاردنية العربية الاصيلة والتي سطرت في ذلك اليوم الاغر نصرا مؤزرا طردت به المعتدين الذين انسحبوا في حدود الساعة التاسعة والنصف مساء .
--( بترا )
ز ش / ف م / ات
20/3/2012 - 03:48 م