الملك يلقي خطابا في البرلمان الاوروبي ... إضافة2
لن يبني مستقبل الأردن إلا الأردنيون، وعلينا أن نفعل ذلك بطريقة تضمن الحفاظ على الأردن سالما وملاذا آمنا برغم وجوده في منطقة تزداد اضطرابا من حولنا، وبرغم التهديدات الاقتصادية والأزمات في الدول المجاورة، ويتطلب هذا السبيل إصلاحا قائما على الإجماع يتبنى التغيير الهيكلي الشامل سياسيا وقانونيا واقتصاديا واجتماعيا، وإحترام حقوق وحريات كل المواطنين، وسوف يقدم الأردن للمنطقة من خلال هذه العملية نموذجا للتحول السياسي التدريجي نحو الديمقراطية.
وأنا واثق تماما أن عام 2012 سيكون عام الإصلاحات السياسية الرئيسية في الأردن، ومن أهم ما نعمل على تحقيقه حاليا تقوية الحياة السياسية الحزبية لتتفق مع شروط قيام حكومات برلمانية، مدركين أن المسالة لا تتعلق بانتخابات واحدة، بل أيضا الانتخابات القادمة وتلك التي تليها والتي تليها، كي تثبت قدرة النظام على العمل.
ونحن نقدر كثيرا اعتراف الاتحاد الأوروبي بمسارنا الإصلاحي، فمنذ شهرين فقط اجتمع فريق العمل الأوروبي الأردني الجديد في عمان لمناقشة البرامج الرئيسية الهادفة إلى دعم أولوياتنا الإصلاحية، والمتمثلة في المؤسسات الديمقراطية والمجتمع المدني وتوفير الوظائف والتنمية الاقتصادية المحلية والمساعدات الإنسانية وغيرها، وفي الشهر القادم تحل الذكرى العاشرة لدخول اتفاقية الشراكة حيز التنفيذ، وما تحقق عن ذلك من فتح للأسواق وتوفير فرص عمل في كلا الجانبين. واعتقد أن هذه الفرص التي تعززت الآن بحصول الأردن على "الوضع المتقدم" في الشراكة مع الاتحاد سوف تزدهر أكثر في السنوات القادمة.
لقد استمر الأردن في السعي لتحقيق أهدافه رغم الصراع الإقليمي، لكن لا بد أيها الأصدقاء من تحقيق السلام إن أردنا للمنطقة أن تزدهر وتنعم بالأمن، إذ ليس بوسعنا أن نخلق جيلا آخر "في وضع الإنتظار" للدولة الفلسطينية.
قبل عشر سنوات، تحدثت الدول العربية بصوت واحد باسم السلام العادل، واتخذنا قرارا أن ننظر للأمام وليس للخلف، وأن نسعى للاتفاق ونعرض القبول، وقد اعترف بمبادرة السلام العربية كل الأطراف الرئيسية الداعمة للسلام في العالم، بما فيها الاتحاد الأوروبي وأعضاء اللجنة الرباعية الآخرين، وينبغي لإسرائيل أن تنخرط في ذلك.
ومبادرة السلام العربية قائمة على الحل الوحيد الممكن، وهو حل الدولتين اللتين تعيشان جنبا إلى جنب بكرامة وقدرة على تقرير المصير - دولة فلسطينية ذات سيادة ومستقلة وقابلة للحياة ضمن حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وضمانات وافية بسلام وأمن كامل لإسرائيل وتسوية نهائية حسب قرارات الأمم المتحدة، وحل متفق عليه لكل قضايا الوضع النهائي، بل إن هذه المبادرة تجاوزت عرض السلام وعلاقات طبيعية بين إسرائيل والعالم العربي، حيث أقرها العالم الإسلامي برمته، إن هذا العرض المطروح على الطاولة منذ عشر سنين هو حل تتبناه سبع وخمسون دولة.
وتشير بعض العناصر السياسية إلى تغيرات في العالم العربي تقول للشعب الإسرائيلي إن المفاوضات لا يمكنها الانتظار، ليس هناك وقت للانتظار، حيث إن الربيع العربي قد قام في أساسه على المطالبة باحترام البشر، وليس هناك من إهانة أشد من الاحتلال الإسرائيلي، فكلما طالت معاناة الشعب الفلسطيني، وكلما استمر الاستيطان، ازدادت الإحباطات والمخاطر وما لا نعلم من تهديدات، ولو تخطينا إلى مرحلة لا يعود فيها حل الدولتين ممكنا، فإن إسرائيل ستكون أبعد عن الأمن من أي وقت مضى، وسوف يحتاج السلام إلى عقود، بل أجيال، ليمسك بالمبادرة من جديد.
يتبع...يتبع
--(بترا)
م ت/هـ ط
18/4/2012 - 03:50 م