الذكرى الرابعة والاربعون لمعركة الكرامة الخالدة ( اضافة اولى )
أهداف المعركة
................
كانت معركة الكرامة ذات أهداف إسرائيلية إستراتيجية وحاسمة تهدف إلى احتلال سلسلة المرتفعات الشرقية لفرض سياسة الأمر الواقع، ويؤكد هذا حجم القوات التي تم حشدها لهذه العملية حيث وصلت إلى ما يربو على ثلاث فرق عسكرية: عبر جزء منها شرقي النهر، وكانت باقي القوات تحتشد في عمق المنطقة العسكرية الوسطى على الضفة الغربية لنهر الأردن وتنتظر دورها في العبور نحو أهدافها، حيث أن خريطة خطة الهجوم كانت تبين الأهداف النهائية بوضوح : وان المحلل العسكري عندما يرى تلك الأهداف يستطيع أن يخمن أو يقدر حجم القوات اللازمة لتنفيذ الهجوم عليها، ويؤكد هذا حجم القوات التي تم حشدها فعلياً بالإضافة إلى أن الحاكم العسكري الإسرائيلي للضفة الغربية دعا رؤساء البلديات في الضفة إلى قيادته وأبلغهم أنهم مدعوون لتناول طعام الغداء معه في عمان والسلط.
وما كان لهذا الهوس أن يُقهر لولا وقفة الجيش العربي في وجه تلك القوات المهاجمة، حيث قاتل رجاله بكل شجاعة وتضحية مستخدماً ما هو متاح له بأفضل السبل .
طبيعة المعركة
.................
تعتبر معركة الكرامة من المعارك العسكرية المخطط لها بدقة، وذلك نظراً لتوقيت العملية وطبيعة وأنواع الأسلحة المستخدمة، حيث شارك فيها من الجانبين أسلحة المناورة على اختلاف أنواعها إلى جانب سلاح الجو، ولعبت خلالها جميع الأسلحة الأردنية وعلى رأسها سلاح المدفعية الملكي أدواراً فاعلة طيلة المعركة، وبالنظر لتوقيت المعركة نجد ان لتوقيت الهجوم (ساعة الصفر) دلالة أكيدة على أن الأهداف التي خطط للاستيلاء عليها هي أهداف حاسمة بالنسبة للمهاجم، وتحتاج القوات المنفذة لفترة من الوقت للعمل قبل الوصول إليها واحتلالها: هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن طبيعة الأسلحة المشاركة في تلك المعركة من الجانب الإسرائيلي - جميع أسلحة المناورة المسندة بأسلحة الإسناد والمدعومة بسلاح الجو - تؤكد أن المُخطط لتلك المعركة كان قد بنى خطته على معلومات استخبارية وأمنية اتضح من خلال تقييمها حجم القوات الأردنية المقابلة وتسليحها وطبيعة دفاعها، الأمر الذي حدا بذلك المخطط لزج هذا الحجم الهائل من القوات لتحقيق المفاجأة، وإدامة الاستحواذ على عنصر المبادأة أو المبادرة لتأسيس رأس جسر يسمح باستيعاب باقي القوات المخصصة للهجوم شرقي النهر، من أجل الوصول إلى الأهداف النهائية المرسومة: وهذا يؤكد حقيقة أن التخطيط تم لمعركة بين جيشين بهدف تحقيق أهداف معنوية وإستراتيجية..
إذ أن زخم الهجوم ما كان ليكسر لولا أن القوات المسلحة الأردنية كانت كبيرة ومنظمة، وتعمل من مواقع دفاعية منظمة ومخططة وفقاً لأسلوب الدفاع الثابت، حيث أن القوات التي عبرت النهر شرقاً قد تم التماس معها منذ البداية، ثم تم استدراجها ما بين الخطوط الدفاعية الأردنية على جبهة المعركة إلى أن تم امتصاص زخم هجومها في عمق المواقع الدفاعية التي تعتبر جهد الموقع الدفاعي الرئيسي، حيث خاضت القوات الأردنية المدافعة بما هو متاح لها معركة كبيرة في ذلك اليوم التاريخي.
مقتربات القتال
..................
إن معركة الكرامة لم تكن معركة محدودة تهدف إلى تحقيق هدف مرحلي متواضع، بل كانت معركة امتدت جبهتها من جسر الأمير محمد شمالاً إلى جسر الأمير عبدالله جنوباً وكان الهجوم على ثلاثة مقتربات :
أ. مقترب جسر الأمير محمد - مثلث المصري - السلط – عمان .
ب. مقترب جسر الملك حسين -الشونة الجنوبية - وادي شعيب - السلط – عمان .
جـ. مقترب جسر الأمير عبدالله – سويمة- ناعور- عمان.
هذا في الأغوار الوسطى ، وفي الجنوب كان هجوم تضليلي على منطقة غور الصافي وغور المزرعة .
ومن خلال دراسة جبهة المعركة نجد أن الهجوم الإسرائيلي قد خطط على أكثر من مقترب وهذا يؤكد مدى الحاجة لهذه المقتربات لاستيعاب القوات المهاجمة وبشكل يسمح بإيصال أكبر حجم من تلك القوات وعلى اختلاف أنواعها وتسليحها وطبيعتها إلى الضفة الشرقية لإحداث المفاجأة والاستحواذ على زمام المبادرة، بالإضافة إلى ضرورة إحداث خرق ناجح في أكثر من اتجاه يتم البناء عليه لاحقاً ودعمه للوصول إلى الهدف النهائي.
إن جبهة المعركة وتعدد المقتربات كانت الغاية منه تشتيت الجهد الدفاعي لمواقع الجيش العربي وتضليلها عن الهجوم الرئيسي، وهذا يؤكد أن القوات الموجودة في المواقع الدفاعية كانت قوات منظمة أقامت دفاعها على سلسلة من الخطوط الدفاعية بدءاً من النهر وحتى عمق المنطقة الدفاعية، الأمر الذي لن يجعل اختراقها سهلاً أمام المهاجم: وكما كان يتصور، لاسيما وأن المعركة قد جاءت مباشرة بعد حرب عام 1967.
يتبع .. يتبع
-- ( بترا )
ب ح / ات
20/3/2012 - 01:03 م