عمان 3 كانون الثاني ( بترا ) – من تيسير النجار - يعتبر الاعلام الحديث ممثلا باعلام المواقع الالكترونية والمدونات ومواقع التواصل الاجتماعي مؤثرا بالمشهد الثقافي المحلي من خلال اهتمام العديد من المثقفين بايصال رسالتهم الثقافية لاكبر عدد من الناس وبعد ان باتت الوسائل التقليدية تنحسر امام سرعة التواصل المتاحة عبر تلك المنابر . ويتفق مع هذا الطرح رئيس رابطة الكتاب الاردنيين - فرع الزرقاء الشاعر جميل ابو صبيح فيقول :" كي تصل الفعاليات الثقافية إلى أكبر عدد من الناس يجب ان تكون وسائل الإعلام مخلصة بتقديم تلك الفعاليات إلى قرائها ومشاهديها ، لأن الوسيلة التي تربط الجمهور بالفعاليات التي لا يحضرها شخصيا وسائل الإعلام ، لذلك نجد أن المساحة التي تقدمها تلك الوسائل للجمهور هي المادة التي يتفاعل معها ". ويضيف لوكالة الانباء الاردنية ( بترا ) :" نحن نحرص في كل فعالية ننظمها على وجود وسائل الإعلام المختلفة ، لكن بعضها يتغيب ما يعني حرمان قرائها ومشاهديها من متابعة تلك الفعالية اضافة الى حرمان تلك الفعالية من الوصول إلى المتلقي ، ذلك إن وسيلة الجمهور للوصول إلى وجباتها المعلوماتية متنوعة بالصورة او المشافهة او الكتابة ، وأي فعالية لا تصل اليها تلك الوسائل تظل محدودة الإنتشار ومحصورة بمن حضرها فقط " . ويؤكد ابو صبيح : " من هنا نجد أن التواصل بين الفعاليات الثقافية والجمهور مرهون بوسائل الإعلام ، فكم من فعالية مهمة وثرية بمعلوماتها ضاعت دون أن يستفيد منها إلا القليل بسبب غياب وسائل الإعلام . ويعترف الشاعر والباحث مهدي نصير أن وسائل التواصل والاتصال الحديثة عبر الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة أوجدت معادلات جديدة للإعلام والنشر والتواصل والدعاية والترويج بدون رقابة وبدون وسيط وبكلفة زهيدة وبسرعة عالية وإمكانيات للوصول لم يحلم بها يوماً الإعلام القديم وأدواته المحدودة القدرة على الوصول والتأثير . ويقول :لكن هذه الأداة أيضاً سلاحٌ ذو حدين وربما الحد السيئ فيه أكثر قوة وأكثر قدرة على التأثير . ويقول : يجب أن نلاحظ أيضاً أن هذه الشبكة الإعلامية والمعلوماتية الهائلة وتقنيات نقل الحدث بالصوت والصورة ساعدت على وجود نوع من القطيعة بين النشاطات الثقافية الحيَّة وبين الجمهور ، فنحن نقرأ أحيانا عن نشاطات ثقافية لم يحضرها أحدٌ إلا المشاركين بها وهذا سيولِّد حالة انفصام ثقافية وثقافة افتراضية معلَّبة وليست طازجة , وسيولِّد أيضاً وسيطاً يحتل الفراغ الإنساني الذي تولِّده النشاطات الثقافية الحيَّة والتي يتفاعل فيها الجمهور تفاعلاً حياً مع الثقافة ومنتجيها . ويقول ان الإغراق في التعامل مع أدوات الإعلام الحديثة وبدون ضوابط وبدون توجيه سيجعل من هذا الوسيط بؤرة سوداء تمتص كل الضوء الذي كان سينتشر في اتجاهات إنسانية حيَّة وحقيقية ويلقي بها في دهاليز وأنفاق ومقابر لا تُنبتُ ولا تُثري الحياة الحقيقية التفاعلية بين الناس وعواطفهم وأحلامهم ولا تدفع باتجاه تطوير علاقات حيَّة مثمرة بين الناس . ويؤكد :"جميعنا نستخدم هذه التقنيات الحديثة وربما تكون قد سهَّلت بعض التواصل بين هيئات وأصدقاء هم بالأصل أصدقاء ويتواصلون إنسانياً لا افتراضياً وأعطت بعض الفرص للدعوة لنشاطات ثقافية وربما زادت بعض الحضور في بعض النشاطات , لكنها زيادة محدودة للغاية ولم تؤثِّر في اتجاه التخفيف والحدّ من القطيعة بين الجمهور والنشاطات الثقافية بل ربما فاقمتها وزادت منها . ويدعو نصير إلى تكوين شبكة معلومات ومواقع تواصل اجتماعية وثقافية وسياسية عربية بإدارتها ومصادرها وتخدم المجتمعات العربية وبأيدي وعقول عربية تستخدم التقنية العلمية التي أتاحها العلم الحديث وتنزع البُعد الأيدلوجي والهيمنة الغربية عليها .ى ويقول المهندس الروائي أحمد أبو سليم أن وسائل الأعلام الحديثة ممثلة في (الانترنت) كسرت نمطية الاعلام، وكسرت احتكار المؤسسات الرسمية لنوافذ الإعلام، فلم يعد هناك من جهة بعينها قادرة على السيطرة تماما على منافذ الاعلام. ويؤكد انه " وبعيدا عن السلبيات التي رافقت ظاهرة التحديث الإعلامي، والتي تعدت الحرية إلى الفوضى أحيانا، أستطيع أن أجزم بأن وسائل الإعلام الحديثة أضافت شيئا نوعيا للعمل الإعلامي". ويقول ابو سليم صاحب رواية الحاسة صفر انه إن كانت الثورات العربية قد انبثقت من رحم التواصل الإعلامي عبر منابر ( كالفيس بوك) وغيره، فلماذا لا يستند التجييش الشعبي للمناسبات الثقافية على هذه النوافذ، والأطر؟ ويتفق مع ابو صبيح بان منابر ( الانترنت) هي منابر شعبية بامتياز، تعبر عما يدور في الشارع، لذلك فهي قادرة على الجمع بين المثقف الذي يعبر عن هموم الناس، وبين الناس أنفسهم، واختزال المسافة بين الطرفين، لذلك فإنني أرى أن وسائل الاتصال الحديثة شكلت عاملا ايجابيا بين الناس والثقافة، وبين المثقف والناس، وبين المثقف والثقافة ايضا لأنها أثرت تجارب المثقفين أنفسهم. ويقول الشاعر عبود الجابري ان دور الاعلام المعاصر يجب أن ينصب على تعريف المتلقي بالمبدع ، من خلال متابعة أعماله ونشاطاته ، والاهتمام بجديده ، ذلك سيؤدي الى ايجاد جمهور واع يكون بامكانه أن يختار أيقونته ويتحدث عنها . وليس كما هو حاصل الآن كما يضيف ، حيث يعلن عن النشاط ، وطبيعته ، والقائمين عليه وسط جهل المتلقي بالكثير منها ، الأمر الذي يدعوه الى التنازل عن مغامرة اكتشاف ما لا يعرف ، تلك هي مهمة الأعلام في رأيي ، بعدها يمكن أن يكون له دور أساسي في الحد من القطيعة بين الجمهور والفعاليات الثقافية . ويقول الجابري :" الأمر الآخر الذي يعوزنا هو التنسيق الاعلامي في مواعيد الفعاليات الثقافية ، حيث نرى أحيانا أن هناك الكثير من الفعاليات الثقافية التي تعقد في يوم واحد ،وتترك بقية أيام الأسبوع دونما نشاط ، وذلك ينسحب على المهرجانات أيضا ، مما يسبب خذلانا في الحضور لبعض النشاطات" . ويقول الباحث في مجال الاعلام علي المشاقبة ان نظرة متمعنة إلى الثقافة في وسائل إعلامنا المحلي تقود إلى الإعلان عن وجوه بارزة تميزها وتصبغها وتعطيها بعدا غير بعيد عن الإعلام العالمي . ويبين ان شيوع ثقافة بديلة أضحت بارزة الأركان والملامح تحت قاعدة الثقافة الاستهلاكية التي تعني "صناعة ثقافية معدة للاستهلاك الجماهيري, وهي نقيض الثقافة الجادة, ونقيض الأدب والفن الرفيع, وتخضع لثقافة السوق , ويطلق عليها ثقافة شعبية تسعى للترفية عن الناس" . ويلفت المشاقبة الى أن الثقافة في إعلامنا الرسمي باتت شيئا ثانويا وتحتاج الى تعزيز الثقافة الاصيلة . --( بترا ) ت ن / ات
3/1/2012 - 12:50 م