حين عادت الحياة لبيت الديمقراطية العتيق
2012/02/05 | 17:13:48
عمان الخامس من شباط ( بترا ) – من فيروز مبيضين - رمزية المكان والزمان في الجلسة الخاصة التي عقدها مجلس الاعيان الاسبوع الماضي في المبنى القديم لمجلس الامة في جبل عمان اشارت الى عراقة الشورى والشراكة في وطن لا يقبل القسمة في المحبة والولاء والانتماء .
وكأن الجدران نطقت ، والشرفات غصت ، والساحات ضجت ، فذاكرة الوطن حاضرة وان غاب بعض من نسجها وما تزال احداث عظيمة تتألق سيرة ومجدا وفخرا احتضنها هذا المبنى منذ العام 1947 وحتى العام 1971 .
ففيه عقدت اول جلسة لمجلس الامة بعد اعلان الاستقلال والبيعة للمغفور له الملك المؤسس عبدالله ملكا على البلاد في الخامس والعشرين من ايار عام 1946 ، وفيه اقسم المغفور له الملك طلال اليمين الدستورية ملكا للمملكة الاردنية الهاشمية , وتم اصدار دستور عام 1952 , واقسم المغفور له الحسين بن طلال اليمين الدستورية ,وتم اعلان الوحدة وعقد اول جلسة لنواب الضفتين , وفيه تم تعريب قيادة الجيش, واعلان دخول الاردن عضوا في هيئة الامم المتحدة وانهاء المعاهدة البريطانية وفيه ايضا وايضا..
الكثير من التاريخ والكثير من المجد والعطاء والامل والمستقبل ، واستمرارية دولة المؤسسات والقانون, ودولة فيها الرجال الذين لم يعرفوا غير الوطن غطاء وحلما .
رئيس مجلس الاعيان طاهر المصري تحدث لوكالة الانباء الاردنية (بترا) عن الجلسة الخاصة التي عقدت في الثلاثين من الشهر الماضي في مبنى الديمقراطية العتيق قائلا : كانت الفكرة كيف نحتفل بستين عاما على صدور الدستور والعيد الخمسين لميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني .
واضاف : نحن في خضم مسيرة اصلاحية عنوانها الرئيس , موضوع التعامل مع الدستور وجعله هاديا لنا في مفاهيمه ومراميه واهدافه , ولان الجميع يعرف قيمة دستور عام 1952 ويدرك ما طرأ عليه من تعديلات الى ان وصلنا الى التعديلات الاخيرة العام الماضي , تشاورت مع زملائي حول دورنا كمجلس اعيان في احياء الذكرى الستين لصدوره ، وربط ذلك بعيد ميلاد جلالة الملك حفظه الله ورعاه.
وقال : كنت قبل حوالي سنتين عندما تسلمت رئاسة المجلس مستغربا من وضعية المبنى القديم لمجلس الامة الذي نعتبره معلما حضاريا نيابيا اردنيا ، حينها كتبت رسالة الى رئيس الوزراء ان يضع هذا المبنى في عهدة مجلس الاعيان لنقوم بترميمه ونجعله متحفا حقيقيا للحياة النيابية بالتقنيات الحديثة لتبقى الذاكرة الوطنية حية في هذا المجال .
متأسفا قال المصري : مفهوم الذاكرة الوطنية لا يحظى بعناية كافية من مؤسساتنا الحكومية والشعبية ، فجاءت هذه المناسبة وقررت دعوة مجلس الاعيان الى جلسة خاصة ورأينا مناسبا ان تحضر السلطات الثلاث هذه الجلسة , واخترنا الثلاثين من كانون الثاني وهو يوم الاحتفال بالعيد الخمسين لميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني , وقصدنا ان يكون هناك حضور لمجلس النواب ,فحضر رئيس المجلس عبد الكريم الدغمي ومعه مكتب المجلس ورؤساء اللجان والكتل وشخصيات اخرى مثل رؤساء الحكومات السابقين واقدم نائب على قيد الحياة عبد الباقي جمو كما دخلت المجلس مع رئيس المجلس النيابي كشكل من اشكال التكامل الدستوري.
وتابع : كل ذلك امور رمزية لا بد ان يكون المواطن قد فهم معناها ومقصدها ، علينا ان نهتم بهذه الامور وخصوصا ان الاباء الاولين قدموا لنا الدستور بكل رقيه وانشأوا دولة ذات مؤسسية,وبنوا هذه الدولة مع الملوك الهاشميين .
وقال : اعتقد ان هذه المناسبة حظيت باهتمام المواطنين واثارت في نفوسهم ذكريات قديمة وهذا كان هدفنا من عقد هذا اللقاء .
وزاد :اريد القول اننا يجب ان نركز على المظاهر الوطنية الحقيقية , فالمبنى القديم بما يحتويه من احداث مهمة هو جوهر وليس قشورا .
واختتم المصري بالقول : عبق التاريخ اوجد تأثرا عميقا ، ليس سهلا ان تستعيد تاريخ الاردن واين كنا واين اصبحنا .
من جهته وصف المؤرخ والباحث الدكتور بكر خازر المجالي انعقاد جلسة خاصة لمجلس الاعيان في مبنى الامة القديم بانها خطوة تستهدف توجيه الاهتمام الى الذاكرة الوطنية والنظر بعين التقدير والاكبار لاولئك الرجال الذين ارسوا قواعد الدولة وكانوا البناة الحقيقيين لمسيرة الاردن والذين ننظر لهم نحن جيلنا الحاضر كنموذج يحتذى في كيفية الحرص على مصالح الوطن العليا واكمال مسيرة البناء وتعزيز الامن والاستقرار وتحقيق التماسك الاجتماعي بتلك الروح التي كانت سائدة في هذا المبنى بين اعيان الامة ونوابها .
واشار الى ان الرمزية تتجلى ايضا بانعقاد هذه الجلسة اذا سمعنا لذاك الخطاب الوحدوي المهم الذي اقرت فيه وحدة الضفتين في 24 نيسان عام 1950 وكانت جلسة تاريخية .
وقال الدكتور المجالي ان اعادة مكونات هذا المبنى كما كانت على هيئتها الاصلية خاصة قاعة البرلمان جهد تعكف على القيام به لجنة مختصة حاليا .
واضاف ان من ضمن اعمال هذه اللجنة والتي هو عضو فيها جمع الوثائق المتعلقة بتاريخ هذا المكان اضافة الى الصور الوثائقية والافلام المصورة , وكل ذلك لتهيئة المكان مستقبلا ليكون قبلة لكل من اراد ان يعرف التاريخ الموثق للاردن وما شهده من تطور سياسي خاصة في مسيرة شورى الدولة منذ تكوينها .
بقي القول : قراءة الانجاز ودعم الدستور الجديد بأسباب القوة عدلا وحرية وديمقراطية ومؤسسية ونقاء ونبلاً في السرائر والقلوب دون تمترس خلف فكر ضيق ولا استئثارٍ يلغي كل الآخَر، وإنما شهامة في السلوك ونبلٌ في القول وبعدُ نظر لا يُجارى في استشراف الحاضر والمستقبل.. فقرة في كلمة المصري في ذاك اليوم لخصت الرمزية في اختيار الزمان والمكان .
-- ( بترا )
ف م / ات
5/2/2012 - 03:09 م