رسائل البادية الشمالية.. القضايا السياسية والاصلاح اولا
2012/04/14 | 20:48:48
البادية الشمالية14 نيسان(بترا)- صالح الدعجة ومؤيد الحباشنة- استحوذت القضايا السياسية وامن واستقرار الأردن على حوارات جلالة الملك عبدالله الثاني مع أبناء عشائر البادية الشمالية الذي أمضى بينهم يومين وتميزت بالمكاشفة والوضوح تجاه الوطن وأولوياته.
وفي وقت كانت القضايا التنموية والخدمية تطغى على مثل هذه اللقاءات، إلا أن السياسة كانت العناوين الأبرز التي انطلق منها أبناء البادية في حديثهم، يقودهم ما يشهده المحيط من حراكات يريد البعض إسقاطها على الأردن وأخذه صوب المجهول.
اللقاءات الملكية اتسمت بالقرب والحميمية بين جلالة الملك وأبناء شعبه، وجهت رسائل داخلية وخارجية مفادها أن الأردن، رغم بعض الأخطاء التي شابت مسيرته هو وطن تسوده قيم العدالة والمساواة والكرامة وحقوق الإنسان، فالنظام الهاشمي نظام جامع لكل مكونات المجتمع الأردني ويقف على مسافة واحدة من الجميع الذين يعتبرونه صمام أمنهم وأمانهم.
ولعل ما حمله حديث جلالة الملك يعكس مدى الانسجام بين القائد وشعبه، وهو الذي يحرص دوما على بث مشاعر التفاؤل في كل لقاء يجمع مع مختلف مكونات وأطياف المجتمع، حين قال أن الأردنيين تمكنوا بتماسك جبهتهم الداخلية، والتفافهم حول الراية الأردنية من تجاوز كل التحديات، والتصدي لكل من راهن على صمود هذا البلد أو حاول الاعتداء أو الإستقواء عليـه.
صوت العشائر كان واضحا في إطلاق رسائل إلى الصالونات السياسية والقوى الحزبية التي تريد التفرد بتشكيل طريق الإصلاح وفق مصالحهم وإغفال مصالح الوطن.
وهو ما عبر عنه نايف القاضي بقوله "أن هذا الوطن ملك لكل الأردنيين ويتشاركون فيه بالسراء والضراء ولا يجوز بعد اليوم أن يتقدم أحد إلا بالتي هي أحسن ولا يجوز إقصاء مجموعة وتقديم أخرى إلا بحسب ما قدمت وأخرت للوطن وأبنائه وقيادته".
ورأى أن ما يعنينا في هذه المرحلة نحن معشر الأردنيين بكل أصولنا ومنابتنا هو التمسك بكيان بلدنا العزيز ونظامنا النموذج وان يكون شعارنا هو الحفاظ على امن وطننا واستقراره.
أولى تلك الرسائل استندت إلى التذكير بالثوابت التي أسست عليها الدولة الأردنية المتمثلة بالوطن الأردني وبالقيادة الهاشمية وبالوحدة الوطنية، وهي تعد مرتكزا لكل طالب للإصلاح ومحارب للفساد.
رؤية أبناء البادية في هذا الخصوص، عبر عنها شيوخها ووجهاؤها وشبابها الذين تحدثوا إلى الملك، مؤكدين أن الانتماء للأردن والولاء للملك ثوابت راسخة ومنطلق لأي مشروع إصلاحي، نهجه الأساس بان لا حماية لفاسد ولا حصانة لأي مسيء ومتجاوز لتلك الثوابت.
ويدرك أبناء البادية الشمالية حجم التحديات الضاغطة التي تحيط بالأردن وان لا سبيل لمواجهتها إلا بتمتين الجبهة الداخلية والإيمان بعملية الإصلاح الشامل الذي يقوده جلالة الملك في وقت يشهد فيه العالم أزمات مالية وارتفاعات في أسعار النفط كان للأردن نصيبا منها.
وهذا الإدراك عبر عنه الدكتور لافي المخاريز السردية بقوله "إننا ندرك ما يجري فوق ربوع هذا الوطن من أشكال التظاهر المقنعة بالفتنة، أو تلك التي تدعو للعدالة والمساواة"، معتبرا ان مطالب المواطنين المشروعة تقتضي من الحكومة الأمانة والعدالة والمساواة لنيل حقوقهم، وان الآمال والطموحات حق لجميع أبناء الوطن وليس حكرا لفئة دون فئة أو منطقة دون غيرها".
ثاني رسائل البادية اتصلت بالتعديلات الدستورية وكان رايهم بان ما تمخض عنه المشروع الإصلاحي من تعديلات مواد جوهرية في الدستور كافية في هذا الوقت، ويرون أن الإصلاح عملية متدرجة لا يتم بقفزات في الظلام قد تعطي نتائج عكسية.
فالوصول إلى حكومات برلمانية هو مطلب مشروع تتفق فيه القيادة مع الشعب لكنها مرحلة بحاجة إلى توفير بيئة مناسبة لذلك من خلال تفعيل الحياة الحزبية والمشاركة الشعبية في صناعة القرار.
وينسجم ذلك مع ما ذهب اليه الفريق المتقاعد عواد المساعيد بان أبناء البادية مع الإصلاح بمجمله ومع قانون انتخاب توافقي يلبي طموحات الأردنيين ومع الوصول إلى حكومة برلمانية كاملة في المستقبل، مع ضرورة مراعاة التدرج الزمني للوصول إلى ذلك بعيدا عن القفزات الواسعة غير محسوبة النتائج.
فيما اعتبر ان التعديلات الدستورية كافية في الوقت الحالي وأكثر مما كان يتوقع المطالبين في ذلك، و"نحن نؤمن ان جلالة الملك صمام الأمان والاستقرار للأردن، ولا نقبل أي تعديلات دستورية تمس صلاحياته لأنه الوحيد الذي يقف على مسافة واحدة بين مختلف ألوان الطيف الأردني، والوحيد القادر على تصحيح المسيرة اذا انحرفت عن مسارها الصحيح".
الرسالة الثالثة تجسدت في رفضهم لمن يريد القفز عن حق الآخرين والمشاركة في المشروع الإصلاحي فبعدهم عن العاصمة لا يعني انهم غير فاعلين في هذا التوجه ويمتلكون الوسائل لتي يعبرون فيها عن رايهم في قضاياهم الوطنية.
وهنا عبر أبناء البادية الذين رصدت وكالة الأنباء الأردنية حواراتهم مع جلالة الملك ان من واجب الجميع المحافظة على هيبة الدولة لان الإصلاح الذي ننشد يحتاج الى دولة قوية ولا يمكن لدولة ضعيفة ان تخطو خطوة واحدة الى الأمام، لان القفز على القوانين وعدم احترامها سيؤدي الى فقدان الامن والاستقرار الذي يحتاج الى تضحيات جسيمة غالية وثمينة لإعادتها.
ولعل المثال الأبرز على ذلك هو قانون الانتخاب وما اثير حوله من نقاشات، وموقف أبناء البادية الشمالية فيه تجسد بالمطالبة وبشكل واضح وصريح ان يمثل القانون جميع أطياف المجتمع الأردني وان يكون للبادية ايضا تمثيل عادل وملبي للطموحات.
العين الشيخ طلال صيتان الماضي عبر عن ذلك بالتأكيد أن حركة الإصلاح التي أطلقها الملك عنوانها الرئيس قانون انتخاب عصري يكون المجال فيه لكل تيارات الطيف السياسي ولا يحابي جهة على حساب أخرى لان المكان الأرحب لعكس إرادة الشعب الحقيقية هو مجلس النواب.
ورفض ابناء البادية التطاول على رمز الدولة وأجهزتها الأمنية في تعبير عن المطالبة بالإصلاح فالرأي حق مشروع طالما انه سلمي ولا يتجاوز القانون فالدولة الأردنية دولة قوية لا تعاني هشاشة العظام.
هذا الرفض أكده الدكتور صوان الشرفات الذي وجه رسالة من قلب البادية باسم أبنائها إلى أصحاب المسيرات المنحرفة عن الحق في شتى مواقعه وأصحاب الأقلام المأجورة "ونقول لا تعطلوا مسيرة الإصلاح فنحن نحمي الأردن نفترش الأرض ونلتحف السماء في الدفاع عن الوطن وقائد الوطن".
وفي هذا السياق اعتبر الشيخ سعود الشرابي أن إصلاح الأوطان لا يكون بالدمار وتحطيم المنجزات بل يكون بمطالب شرعية واضحة نابعة من قناعة داخلية لحب الوطن والحرص عليه وخدمة أبنائه.
وبعيدا عن السياسية لم تخلو أحاديث جلالة الملك وحواراته مع أبناء البادية دون الالتفات إلى قضايا التنمية التي وتركزت على ضرورة وضع خطط عملية للحد من مشكلتي الفقر والبطالة، والنهوض بالواقع التعليمي والصحي، والاستعانة بالكفاءات من الكوادر البشرية التي تزخر بها المنطقة في مراكز صنع القرار.
وفي محصلة اللقاء وما انطوى عليه من رسائل، يدرك الجميع ان عليهم مسؤوليات تجاه وطنهم وقضاياه، وهو ما عبر عنه جلالته حين حث الجميع على تحمّل المسؤولية، والمشاركة الفاعلة في طرح البرامج والخطط التي "تمكننا من تجاوز التحديات وتوفير معيشة أفضل للمواطن، "فنحن أول من بدأ بمسيرة الإصلاح، قبل أكثر من عشر سنوات، ونحن ملتزمون بهذا النهج ومستمرون في العمل لتحقيق الإصلاح المطلوب" كما قال جلالة الملك في ختام يومين من لقاءاته.
ـ-----(بترا)
م ح /ص ع/دم/هـ ط
14/4/2012 - 05:43 م
14/4/2012 - 05:43 م
مواضيع:
المزيد من محافظات
2025/11/11 | 23:16:20
2025/11/11 | 23:15:56
2025/11/11 | 22:25:30
2025/11/11 | 21:44:34
2025/11/11 | 20:44:37